الزاكي طمل :
هو أحد أمراء وقادة الثورة المهدية البارزين في السودان، الذين كان لهم دوراً كبيراً في الانتصارات العسكرية التي حققتها دولة المهدية.
ينتسب إلى قبيلة التعايشة وهو من أبناء عمومة الخليفة عبد الله التعايشي ، ولكنه وفقاً لعون الشريف من جماعة المندلة بجنوب كردفان الذين تصاهروا مع قبيلة التعايشة.
اخماد التمرد في الجنوب :
في سنة 1891 م، ارسله الخليفة عبد الله التعايشي إلى جنوب السودان لإخضاع قبائل الشلك الذين تمردوا على حكم المهدية وبعد أن رفض زعيمهم الذي يُعرف بلقب «الرُث» تأدية ضريبة عشور محصول المنطقة من الحبوب وقطعان الماشية واعلن استقلاليته عن المهدي. شن الزاكي هجوما على مقاتلي الشلك فهزمهم وقتل زعيمهم وارسل رأسه إلى الخليفة في أم درمان، ومكث فترة من الوقت في فشودة عاصمة الشلك ( بلدة كدوك حالياً) والتي اصبح عاملاً عليها.
اتهامه بالخيانة والتآمر مع العدو :
لم ينته الأمر على ذلك، لأن براءة الزاكي اثارت مخاوف الأمير أحمد ود علي والقاضي أحمد من ان ينتقم منهما فتقدما ببلاغ آخر ضده واتهماه هذه المرة بالخيانة والتخابر مع العدو والاتفاق مع الطليان على بيعهم كسلا، فتم استدعائه إلى أم درمان مرة اخرى للتحقيق حول هذه التهم الخطيرة، وتكونت محكمة ضمت القضاة حسين، وأحمد علي محمد، ومكي أبو حراز. وشهد ضده الأمير أحمد ود علي وعبد الرسول. وحلفا اليمين على صحة ما نسبت إليه من تهم. يصف علي المهدي في كتابه «جهاد في سبيل الله»، تلك الأحداث قائلاً: «لقد تواطأ الأمير أحمد علي والقاضي أحمد علي، وعبد الله إبراهيم، وعبد الرسول حنفي، ومحمد فرح الجعلي، على رمي الأمير الزاكي طمّل بتهمة الاتفاق سراً مع الطليان لتسليمهم القضارف و ما حولها والانحياز إليهم. »
موته :
أدانت المحكمة الزاكي بالتهم المنسوبة إليه هذه المرة وحكمت عليه بالحبس في سجن الساير (سجن أم درمان الحالي).
ومكث في السجن نحو ثلاثة أشهر قبل صدور نبأ وفاته.
يعود سبب الوفاة إلى تدابير السجن المشددة ضده حيث
تم حبسه في مكان مظلم
ومنع عنه الطعام لمدة طويلة،
وذلك بأمر من القاضي أحمد الذي كان حاقدا عليه كما تذهب بعض الروايات. وهكذا اْعدم الزاكي بطريقة ما كان يعرف في المهدية ب بالموت صبرا
أي منع الطعام والشرب عن السجين حتى يفارق الحياة جوعاً وعطشاً.
وفي رواية عون الشريف إن الزاكي قتل رجماً بالحجارة في عام 1892 م.
رد فعل الخليفة على موته :
هناك من يرى بأن الخليفة كان يشعر ببراءة الزاكي واخلاصه ولكنه اذعن لحكم المحكمة، فقد استغرب كثيرا عن وفاته المبكرة وسأل عن سببها فقيل له احتباس البول. وهو أمر لم يسمع به الخليفة من قبل رغم سؤاله الكثير عنه وعندما علم بحقيقة منع الطعام عن الزاكي حكم الخليفة على القاضي أحمد بأن يحبس هو الآخر في السجن حتى يموت جوعا بالطريقة ذاتها التي استخدمها القاضي أحمد لقتل الزاكي. وذكر عصمت حسن زلفو إن الخليفة قد أسف على موت الأمير الزاكي وقال:
«هو الذي هزم جيش الطليان وقهره، إنه ليس بالرجل الهيّن الذي لا يؤسف على موته بهذه الصفة»
تضارب الآراء حول شخصيته :
تضاربت الآراء واختلفت حول شخصية الزاكي طمل فهناك
من يصفه بالبطش والجبروت وتعذيب خصوم المهدية دون هوادة تنفيذا لأوامر الخليفة كما حدث للأشراف - أقرباء المهدي - المعارضين الذين أوكل إليه الخليفة إعدامهم فقتلهم في عامي 1891 و 1892 م، أو عشائر الشلك بجنوب السودان الذين تمردوا على حكم المهدية.
وهناك فريق آخر يعيب على مثل هذه الآراء استنادها على كتابات اعداء الدولة المهدية من الإنجليز وفلول قادة الحكم التركي المصري، خاصة الفارين منهم من أسر المهدية أمثال سلاطين باشا و شارلس نيوفيلد، وبطانتهم في السودان وبعض زعماء العشائر أو القبائل المناوئين للمهدية، وعلى نقيض ذلك يصف هذا الفريق الزاكي بأنه
كان قائدا شجاعاً
ذا خبرة وحنكة عسكرية،
وعادلاً بمعايير ذلك الزمان واخلاقياته،
حيث كان يمنع جنوده من نهب أموال الناس وهتك اعراضهم حتى اطلق عليه المثل السوداني القائل
(الزاكي عَدَل، والدجاج قَدَل)
أي تبختر، دلالة على الأمن والطمأنينة.
تعليقات
إرسال تعليق